مجامع الحُزن
رثى(1) الدكتور عبد العزيز بن مختار شبِّين المغفور لها السيدة أم علي شقيقة العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسي (قدّس الله سرَّها) عن لسان حاله قائلاً من الكامل:
1 – الحزنُ يجْمَعُ بَعْدَ لأْيٍ شَاسِعِ
يا أُخْتَ يُوشعَ هلْ أَعدُّ فواجِعي؟!
2 – ماذا تخطُّ يراعتي بطلاسمٍ
مِثْل العُبَابِ على الفؤادِ زعازِعِ!؟
3 – في دمْعنا صمتُ المسافةِ ينْطوي
ما بيْنَ هَمٍّ أو غريبٍ جازِعِ!
4 – أحرقْتِ حقْلَ مشاعري ودفاتري
في لحظةٍ عَصَفَتْ بدفْءِ مَرَابعي
5 – وكتمْتِ همْسَ الشِّعرِ في أنفاسِنا
وحشوْتِ هَذا الجَمْرَ بيْنَ أَضَالعي
6 – يا أُخْتَ صادقَ تذكرينَ وِدَادَنَا
مَعَ كلِّ فجْرٍ بالمحبَّةِ سَاطِعِ
7 – عطرُ اشتياقِكِ رفَّ مُنْساباً على
ذكرى نعيقِ الهاتفِ المُتَتَابِعِ
8 – ومددْتُ طيْفاً كي أضمَّ خيالَها
لكنْ رجعْتُ بقبضِ وَهْمٍ ضائِعِ!
9 – في غمْرةٍ لَمْ أصْحُ منْها واعياً
إلاّ على أفواهِ جزْرٍ بالعِ
10 – حاولتُ رسْمَ ظلالها أُغرُودةً
أُحيي بها عهْدَ الوصالِ الرَّائِعِ
11 – وسكُونَ مريَمَ والنَّخيلَ مُكابراً
أو وجْهَ فاطمَ كالصَّباحِ النَّاصِعِ
12 – العنْفُوانُ تفتَّحَتْ أوراقُه
فيها على كفِّ الرَّبيعِ اليانِعِ
13 – يا حلْمَهَا بالواحَتَيْنِ يرفُّ مِنْ
قُدْسِ النَّدَى، ويعفُّ مثلَ الوارِعِ
14 – قَدْ ذكَّرتْني الرَّائحاتُ نسيمَهَا
والغادياتُ بخطوها المُتَسَارعِ
15 – وحنينَها لمْ يُخفِ عنَّا وهْجَهُ
ينْثالُ خلْفَ هديرِها المُتَدَافِعِ
16 – إنِّي عرفْتُكِ ورْدةً شَاميَّةَ
وَشَمَمْتُ سحْرَ عطورها مِنْ صانِعِ
17 – يا بنْتَ دجْلَةَ والفراتِ لمحتُ في
عيْنَيْكِ سرَّ خواتمي ومَطَالعي
18 – فكتبْتُ عنْكِ اللَّوحَ مختُوماً بأَدْ
مُعِ شاردِ، وحسيسِ آهٍ جازِعِ
19 - ذي كربَلاَ ألقتْ عليكِ سلامَهَا
فرددْتِهِ بتَوَدُّدٍ مُتَوَاضِعِ
20 – ولقدْ خَبرْتُكِ والجمالَ حدائقاً
لم تَمْحُهَا ريحُ الشِّتاءِ اللاَّذعِ
21 – صوَّرْتِهِ قَمَرَيْنِ مِنْ فَلَقِ البَهَا
ولَكِ انتهى مَدُّ الضِّياءِ الفارِعِ
22 – كانَ اختصارُكِ للمَدَى في رِحْلَةٍ
صوفيَّةٍ، وعبيرِ ذكْرٍ شائِعِ
23 – مُدِّي إلينَا كَيْ نراكِ فواصلاً
حوريَّةٍ، وبهَاءَ وَصْلٍ لامِعِ!
24 – وَسَم الجلالُ على جبينكِ أُفْقَهُ
فكأنّما هُوَ نُورُ نَجْمٍ طالِعِ!
25 – شُدِّي وثاقَكِ للسَّماءِ تَوَحُّداً
لعيُونِ فاتحَةٍ، وختْمٍ جَامِعِ
26 – مِنْ كربَلاَ زهْراءُ(2) شيَّعَهَا الضُّحى
وبكى العَشيُّ بكلِّ طرْفٍ خاشِعِ
27 – ما بيْنَ قُمَّ وكربَلاَ تغريبةٌ
لأبي تُرَابٍ، الإمامِ القانِعِ
28 – أبَداً مَعَ الحزْنِ الكلامُ مُحطَّماً
أُلقيهِ بيْنَ مَوَاجدٍ ومَسَامِعِ!
29 – تمضي البتُولُ وذي الملائكُ صُعَّداً
مِنْ حولها تَسْري كسرْبٍ راتِعِ!
30 – يفْرِشْنَ مدَّ مَكَانِها وزمانِهَا
حُلَلاً بُسطْنَ لمُستَهَامٍ والِعِ
31 – الأرضُ تبكي والسَّماءُ مَعاً لها
يعقوبُ بينَهُمَا كمُزْنٍ دامِعِ
32 – الأخضرانِ على يديكِ تفتَّحَا
خلْفَ السَّحابِ وغرَّدَا للسَّاطِعِ
33 – عيْنَاكِ أشرقَتَا بصحوك حالماً
ما بيْنَ سَاجدَةٍ تحتُّ وراكِعِ
34 – ذاكَ الطَّريقُ إلى الخُلود مُزَعْفَراً
سطَّرْتِهِ، ومشَيْتِهِ كالضَّارِعِ
35 – بالشَّمْعَتيْنِ زرعْتِ كلَّ كُهُوفِهِ
صبْحاً يُروِّي جَدْبَ كلِّ بلاقِعِ
36 – ومحوْتِ خلْفَكِ أعصراً منْ ظلْمَةٍ
عطَّرْتِهَا بضياءِ خطْوٍ نازِعِ
37 – السَّابحاتُ فَتَحْنَ بابَكِ مُطْلَقاً
لحمائمٍ كالسَّائحاتِ سَوَاجِعِ
38 – نادتْكِ أزهارُ الطُّفوفِ فواطماً
يَبْكينَ بيْنَ مشانقٍ ومَرَاضِعِ
39 – خلَّفْتِهنَّ وراءَ كلِّ مُسَيَّجٍ
أقْنَى منَ الدَّمِ بالذَّوَائِبِ ماتِعِ
40 – الدَّوْحُ ممْدُوداً إليكِ تَحُفُّهُ
وُرْقُ النَّقا مِنْ كلِّ أصلٍ فارِعِ
41 – النَّازعاتُ مَشَيْنَ خلْفكِ تُبَّعاً
مَعْ كلِّ حُورٍ بالمغيبِ شوارِعِ
42 – يا شبْهَ يوسُفَ في الجَمَالِ مُقدَّراً
وحُسَيْنَ في الطُّهْرِ العلِيِّ الصَّادِعِ
أنشأها في 15/11/2007م أثناء إقامته في منطقة إكلز بمدينة مانجستر في المملكة المتحدة.
إشارة إلى المغفور لها (شقيقة الكرباسي) قدّس الله سرّها والتي اسمها بتول، وتُلقَّب بـ "الزهراء".
|